انشغل إدوارد سعيد بسؤال المثقف ودوره في مواجهة السلطة، وأجابت مقارباته الفكرية عن هذا السؤال بحديثه عن تمثّلات المثقف وصوره، فيعرض مهام المثقف بقوله “إن إحدى مهام المثقف هي بذل الجهد لتهشيم الآراء المقولبة والمقولات التصغيرية التي تحدّ كثيرا من الفكر الإنساني والاتصال الفكري”. ولاهتمام سعيد بالقضايا الإنسانية، وبتحديد دور المثقف في القدرة على مواجهة أشكال الهيمنة والاستبداد؛ نجده يهتم بطرح التساؤلات عمّا يمكن أن يواجه المثقف ويعطّله عن أداء مهامه الخاصة بمراجعة السلطة ومقاومة هيمنتها وتفنيد مقولاتها وتفكيكها.nمن هنا يتناول الكتاب الاستراتيجيات التي تبناها إدوارد سعيد في مقاومة أشكال الهيمنة الثقافية الغربية، خاصة بعدما تخلت الثقافة عن ارتباطها بالنخبة وغدت مساحة للتثاقف والتداخل. ويؤسس لأفكاره عبر قسمين رئيسين يهتم الأول بتناول مقاربة سعيد لسؤال الثقافة ودحضه لشموليتها ولخطابها النخبوي، وبيان دور المثقف الذي تحدد في مقاومة أشكال الهيمنة الثقافية. في حين اختصّ الثاني بعرض أساليب تقويض هيمنة الغرب الثقافية من خلال نقد الفكر الاستشراقي وآلياته الخطابية الاستبعادية، وتفكيك الرواية الإمبراطورية التي لازمت المشروع الاستعماري.