يسعى الكتاب للاقتراب من الأسئلة الصعبة في المشهد السوداني، ليقدم إجابات حول أسباب دوامة الصراعات والحروب في السودان؟ ومعاناة شعبه؟ وفاتورة النزاعات المسلحة على مرّ عقود طويلة منذ الاستقلال؟ ويقترب أكثر من طبيعة الصراع الدائر، وما إذا كان صراعًا على السلطة، أم على الثروة؟ أم الاثنان معًا؟ وهل حقًا السودان مستهدف خارجيًا؟ كما تردد نخب سودانية؟

وينطلق الكتاب من واقع اقتراب الكاتب أحمد إمبابي، من قضايا السودان، وتخصصه الصحفي والبحثي في ملفات السودان وحوض النيل، لأكثر من 15 عامًا، إلى جانب معايشات ميدانية لأحداث سياسية مهمة بالسودان، أتاحت له توثيق روايات وشهادات عديدة للنخب الحاكمة والسياسية والاجتماعية.

يبدأ الكتاب، في تأصيل وتفسير أسباب الأزمة السودانية، من تحليل حالة الاندماج الوطني داخل السودان، ومدى صياغة الأنظمة الوطنية التي حكمت السودان منذ استقلاله، لمشروع الهوية الجامعة لمكونات المجتمع السوداني من ثقافات وقوميات مختلفة، إلى جانب مدى إيمان السودانيين جميعًا (خصوصًا النخبة) بمفهوم الدولة الوطنية؟

كما يتقصى الكتاب، أسباب ظهور حركات التمرد المسلحة، وعوامل انتشارها في مناطق وولايات عديدة، وأسباب ظهور ما يسمى بـ”صراع المركز والهامش”، وتأثيراته السياسية والأمنية، وعلاقة كل ذلك بأكثر صراعات السودان دمارًا، وهي الحرب الداخلية التي اندلعت بين الجيش السوداني، في مواجهة ميليشيا “الدعم السريع”.

كما ينظر لعلاقات التأثير والتأثر الإقليمية والدولية مع ما يحدث في السودان، (خصوصًا القوى الكبرى مثل أمريكا وروسيا والصين)، لتفنيد حقيقة رواية النخب الحاكمة، التي تتحدث عن “المؤامرة الخارجية” تجاه السودان.. كما يؤكد الكتاب على حقيقة أن مصر لن تكون خارج السياق السوداني، حيث يقدم قراءة لمسار العلاقات المصرية مع السودان، ويتوقف مع محددات ومبادئ التعاطي المصري مع القضايا السودانية، وطبيعة الدور المصري تجاه الصراعات الداخلية بالسودان.

ولا يقف الكتاب عند مراحل الرصد والتقصي، لأسباب قضايا السودان الداخلية، وإنما يناقش أسئلة المستقبل والمصير، ومآلات ما يحدث في السودان، خصوصًا ما إذا كانت الأوضاع تسير حقًا في طريق “التقسيم”، كما يردد ويحذر كثير من المراقبين والمتابعين.