يهتم هذا الكتاب بالتأصيل النظري لموضوع التسويق السياسي الاستراتيجي عبر التعرف على أهم عملياته وأهدافه ووظائفه من منظور الأحزاب السياسية، فضلًا عن قيامه بتصميم وتنفيذ دراسة تطبيقية سؤالها الرئيسي: “ما هي العوامل والمحددات التي تؤدي إلى نجاح استراتيجية وتكتيكات التسويق السياسي لأحد الأحزاب في الحصول على ثقة المستهلكين السياسيين في مرحلة ما، وعدم نجاحها في تحقيق ذلك في مرحلة أخرى؟” وهي الدراسة التي حاولت التعمق في فهم حالة حزب “الحرية والعدالة”، الذي مثل الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، عبر الفترة الممتدة ما بين 6 يونيو 2011، وهو تاريخ إنشاء الحزب الرسمي، و30 يونيو 2013، وهو تاريخ خروج التظاهرات الشعبية الضخمة التي طالبت بعزل الرئيس محمد مرسي عن الحكم ودعت إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
يستمد المشروع المنشور بين دفتي هذا الكتاب أهميته بشكل رئيسي من أن حقل المعرفة النظرية في مصر والوطن العربي حول التسويق السياسي الاستراتيجي ما زال محدودا للغاية، فضلاً عن كونه موضوعًا يدخل -بالأساس- في إطار الدراسات البينية، التي تقف على أكثر من أرضية علمية متداخلة في علوم السياسة والإعلام والتسويق وغيرها من فروع العلوم الأخرى. بالإضافة إلى سعيه الدؤوب لتحليل مجموعة واسعة من البيانات الميدانية، والدمج بين أساليب التحليل الكيفية والكمية، لمعرفة تداعيات الاستراتيجية التسويقية لحزب “الحرية والعدالة” على سلوك المستهلكين السياسيين المصريين، وذلك على العكس من الكتب والبحوث المنشورة حول بعض الحالات التطبيقية الأخرى، والتي اهتمت فقط بتقييم مضمون الاستراتيجيات التسويقية ذاتها، دون التطرق لتأثيرها على سلوك المستهلك السياسي.
ولا يقف الكتاب عند رصد وتحليل الأخطاء التسويقية الاستراتيجية التي قادت إلى حدوث تغيير درامي في الاتجاهات الحاكمة لسلوك المستهلك السياسي المصري تجاه الإخوان وحزبهم بين عامي 2011 و2013 فقط، وإنما يقدم العديد من النصائح والتوصيات التي تساعد المؤسسات السياسية –وعلى رأسها الأحزاب– لتطوير قدراتهم على تصميم وتنفيذ استراتيجيات وتكتيكات تسويقية متكاملة، تتلاءم مع رغبات واحتياجات المستهلكين داخل الأسواق السياسية المستهدفة من ناحية، وتكون قادرة على التكيّف مع التقلبات المحتملة بداخلها من ناحية أخرى.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.