لم أكن يوماً من المعنِيِّين بمطالعة مقدّمات الكتب أو بالأحرى ممن يأخذونها على محمل الجدّ. واعتدت، مبكراً، منذ ارتبطتُ بالكتاب، أن أقفز مباشرة إلى المتن، وأبقى هناك حتى أسدل عليه الغلاف الخلفي. ثم، أعاود الكرّة مع الكتاب التالي، ثم الذي يليه، ثم الكتاب تلو الآخر. استمرَّ الحال على ما هو عليه، حتى قرأت بالتتابع مقدمتَي كتابين مهمين جداً، أعادا ترتيب علاقتي بمقدمات الكتب، وهما كتاب الاستشراق لـ إدوارد سعيد وكتاب الثابت والمتحول لـ أدونيس. هنا، أدركت أهمية مقدمات الكتب، إلا أنني لم أتدارك ما فاتني على مدى سنوات من المطالعة فيما قبل ذلك.nالقصْد، إن كنتَ، عزيزي القارئ، قد تحمّلت مشقّة بلوغ كتابي هذا، فإنني أدعوك للمُضِيّ حتى نهاية “المقدمة” وكذلك “ما بعد المقدمة”. وإن قبلتَ الدعوة، فحبذا لو تمنح الصفحات التالية من طاقتك على مقدار ما ستمنحه للمتن ذاته. فقد وضعتُ فيها ما يلزم لفهم المتن، وربما وجدتَ فيها ما لن تجده في موضع آخر من الكتاب. وأهمية الأمر تنبع من أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهي المسألة الأساسية التي يرتكز عليها هذا العمل، لم تعد مسألة محايدة، وإنما أصبحت قضية حيويّة تتماسّ مع وجودنا جميعاً في اللحظة الراهنة.