ذلك الذي من ذاتي استقر في الموت لا يريد أن أعيش. يطلب مني في كل فعل أن أنجز، أن أعود، أن أعود… إنه هذا الصوت، صوته دون كلام، الصامت كليًا، الذي أسمعه في كلماتي، والذي يقول لي: “يجب أن تغادر… يجب الرحيل… فلتترك كل هذا، تعالَ!”، إنه من يريد أن أسافر، الذي يريد أن أستسلم. هناك، خارج ذاتي، هذا الفراغ غير المحتمل الذي يجب أن أملأه. ينبغي أن يأتي هذا الليل، أشعر بذلك، يود أن يولد هذا الليل أخيرًا. كيف لا أزال على قيد الحياة؟ كيف استطعت مقاومة هذا النداء؟ من خلال قذيفة جسمي، اتجهت كل روحي نحو الهوة وتسعى إلى الاختفاء. كماء متواصل، تريد الانتشار، تود التمدد والانصهار في العالم. ما من وسيلة لنسيان ذلك. كل كلمة، كل حركة ترتكب تجذبني نحو النفوذ الأسمى والمقرف، تقربني من النهاية. وهكذا، شيئًا فشيئًا، بينما تموج حياتي، شرعت في الرحيل. شرعت في الانزلاق على طول قضباني، ببطء، برقة، ولن أتوقف. أثناء السير إزاء ذرات التراب والطاولات، أثناء السير، النزول نحو ألواح الحديد الزهر، نحو الأرصفة الأسمنتية، نحو الشجيرات القصيرة والحصوات الترابية، في الطريق نحو عجاج الجزيئات متعذرة التدمير، أغوص في الأرض، أختفي، أختفي، أغادر… دون معرفة، دون صراع، لأنني أريد، بدأت رحلة العودة الطويلة نحو التجمد والصمت، نحو المادة المتعددة، الهادئة والمرعبة؛ دون فهم، لكنني واثق أنني أفعل ذلك. بدأت الرحلة الدينية الطويلة التي حتمًا لن تنتهي أبدًا.nعن المؤلف:nولد جان ماري جوستاف لو كليزيو في 13 أبريل 1940 في مدينة نيس الفرنسية. قام بالتدريس في جامعات في بانكوك وبوسطن ومسكيكو سيتي. وهو روائي فرنسي حائز على جائزة نوبل للآداب 2008. كان لوكليزيو قد اشتهر بعد نشر رواية “الصحراء” في عام 1980 التي اعتبرتها الأكاديمية السويدية تقدم “صورًا رائعة لثقافة ضائعة في صحراء شمال أفريقيا”. في عام 1965، صدرت له مجموعة من القصص القصيرة بعنوان “الحمى” ثم مجموعة أخرى في العام التالي بعنوان “الطوفان”، ثم “الأرض المقدسة” في عام 1967 يليها “النشوة المادية” في العام نفسه ثم كتاب “الهرب” عام 1969 ثم “الحرب” عام 1970 ثم “العمالقة” عام 1973. جدير بالذكر أن لو كليزيو قبل أن يفوز بجائزة نوبل كان قد حصل على خمس جوائز أخرى: جائزة بول موران عام 1980، ثم جائزة مجلة اقرأ عام 1994، ثم جائزة بوتيربو عام 1997، ثم جائزة إمارة موناكو في العام نفسه.