العربي للنشر والتوزيع
خمسون عامًا من الجسور الثقافية بين العرب والعالم

منذ انطلاقتها في عام 1975، خطّت دار العربي للنشر والتوزيع لنفسها مسارًا ثقافيًا استثنائيًا، جعلها واحدة من أبرز وأعرق دور النشر في العالم العربي. وقد أسّسها الأستاذ إسماعيل عبد الحكم بكر، الصحفي البارز في جريدة الأهرام، برؤية تهدف إلى تقديم إنتاج معرفي عربي أصيل، وترجمة الأعمال العالمية ذات القيمة الفكرية والأدبية العالية إلى اللغة العربية، لتصبح الدار بذلك جسرًا حضاريًا حيًا يصل بين الثقافات، ويغذي القارئ العربي بكل ما هو متميز وفريد
خلال رحلتها التي امتدت لأكثر من خمسة عقود، أثْرت الدار المكتبة العربية بأكثر من 1200 إصدار، منها 705 عملًا عربيًا أصيلًا و487 ترجمة من أكثر من 69 دولة، تغطي لغات وثقافات من أوروبا، وآسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية، مما يعكس التزامًا راسخًا تجاه
التنوع، والانفتاح على الآخر، والبحث الدائم عن الجديد والمهم في عالم المعرفة
الرؤية: ثقافة بلا حدود

تؤمن دار العربي بأن النشر ليس عملًا تجاريًا بقدر ما هو رسالة ثقافية سامية. تسعى من خلالها إلى تشكيل وعي الأجيال، وتعزيز الحوار الحضاري، وتمكين المبدعين العرب، وبناء مجتمع قارئ، منفتح، ومسؤول. وتتمثل رسالتها في تقديم محتوى رفيع المستوى، يجمع بين الأصالة والتجديد، ويعبر عن هوية الثقافة العربية دون أن ينغلق على ذاته، بل يسعى باستمرار إلى التفاعل مع مختلف التيارات الفكرية العالمية
التميز في الترجمة والاكتشاف الثقافي
تُعد دار العربي رائدة في مجال الترجمة النوعية، حيث أطلقت مبادرة “كتب مختلفة” التي تهدف إلى ترجمة أدب عالمي من دول وثقافات لم تُترجم من قبل إلى العربية. وقد أصدرت ترجمات من لغات مثل النرويجية، التشيكية، الكورية، البرتغالية، والأيسلندية. هذا التنوع لم يكن غاية في حد ذاته، بل وسيلة لاكتشاف ما هو إنساني ومشترك بين الشعوب، وتقديمه للقارئ العرب
تؤمن الدار بضرورة الاهتمام بالمترجمين وتطوير قدراتهم، ولذلك أنشأت برامج تدريبية متخصصة ضمت أكثر من 90 مترجمًا، 74%منهم من الشباب، لتخريج جيل جديد من المترجمين العرب المتمكنين
الإنتاج التحريري والبصري: حيث تُصقل الكلمة وتُروى بالفن
لا ترى دار العربي الكتاب مجرد محتوى مطبوع، بل تجربة متكاملة تبدأ من النص، وتمر بالمراجعة الدقيقة، والتحرير اللغوي العميق، ثم الإخراج الفني المبتكر. تهتم الدار بأدق التفاصيل، بدءًا من تصميم الغلاف، مرورًا بالهوية البصرية لكل سلسلة، وحتى اختيار الطابع البريدي وعلم الدولة على الروايات المترجمة. شعارها، الذي صمّمه الفنان محيي الدين اللباد، يمزج بين الأصالة والمعاصرة، ويعبر عن فلسفة الدار: عربية الجذور، عالمية الأفق
الحضور الدولي: الثقافة العربية في عيون العالم
تشارك دار العربي بفاعلية في كبرى معارض الكتب الدولية، مثل فرانكفورت، تورينو، إسطنبول، بكين، الشارقة، ومعرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث تُمثّل الثقافة العربية بكرامة واحتراف. ومن خلال مبادرة “القاهرة تنادي – Cairo Calling”، لعبت الدار دورًا محوريًا في خلق شبكة علاقات بين الناشرين العرب والعالميين، ودعت دولًا مثل النرويج لتكون ضيوف شرف، وساهمت في تدريب مترجمين من لغات نادرة إلى العربية
كما تعمل على نشر الأدب العربي إلى لغات العالم، حيث تُرجمت بعض أعمالها إلى أكثر من تسع لغات، لتُقدّم الكتّاب العرب في المحافل الدولية، وتُسهم في نشر صوتهم عالميًا
الريادة في الاستدامة والنشر الرقمي
دار العربي من أوائل دور النشر التي أدخلت مفهوم الاستدامة في الصناعة الثقافية، عبر تقنيات الطباعة الموفّرة للورق، والاعتماد على النشر الإلكتروني والكتب الصوتية، والتعاون مع أبرز المنصات العالمية مثل Google Play Books، Apple Books، Storytel، وأبجد
شراكات إنسانية ومهنية

تحرص دار العربي على بناء علاقات إنسانية عميقة مع مؤلفيها، مترجميها، وفريق عملها، حيث يشكّل العنصر البشري قلب المؤسسة. ويضم فريقها نساءً ورجالًا من خلفيات ثقافية متنوعة، يعملون بشغف على تطوير المحتوى العربي، والارتقاء به فكريًا وفنيًا
الختام: دار العربي… منارة عربية بنبض عالمي

دار العربي للنشر والتوزيع ليست مجرد دار نشر، بل مشروع ثقافي متكامل، يجمع بين الرؤية الطموحة، الالتزام بالجودة، والانفتاح الإبداعي. وهي مستمرة في عطائها، متسلحة بإرث ثقافي عريق، وشغف لا ينطفئ بالكلمة، لتظل دائمًا نافذة مشرقة على الثقافة العربية، ومنبرًا للحوار مع العالم

العربي… خمسون عامًا من الاختلاف والتألق
مسيرتنا لم تكن مجرد نشر كتب، بل كانت بناء جسور، وإحياء ثقافات، وتمكين أصوات، ورحلة لا تنتهي نحو الأفضل
وبالخير نختم، وبالقيمة نبدأ دائمًا