تواجه أوربا الشرقية فزاعة يطلقون عليها في الغرب “جماعات المنشقين”. هذه الفزاعة لم تسقط من السماء. إنها ظاهرة طبيعية ونتيجة حتمية لمرحلة تاريخية معاصرة من نظام تواجهه أوربا. ولدت هذه الفزاعة من رحم حالة اختفى فيها هذا النظام منذ زمن بعيد، ولا يمكن لآلاف الأسباب أن يتأسس على تعسف وحشي من قبل نظام حاكمة، يُقصي كل خطاب يخالفه، نظام متحجر سياسياً، إلى درجة تَحُول دون أن يصير هذا الخطاب فاعلاً في أجواء هياكلها الرسمية.nمن هم هؤلاء “المنشقون”؟ ما الذي يدفع إلى لظهورهم؟ وما هو الغرض من وجودهم؟ فيما تكمن أهمية تلك “المبادرات المستقلة” التي تجمع المنشقين؟ وما هي الفرص الحقيقية لمثل تلك المبادرات؟ هل من المناسب أن نستخدم انطلاقاً من أنشطتهم مصطلح “معارضة”؟ إن كانت الإجابة بنعم، فما هى إذن هذه “المعارضة في إطار هذا النظام؟ كيف تعمل، ما هو الدور الذي تلعبه في المجتمع؟ ما هي آمالها ومقاصدها؟ هل في مقدور وإمكان هؤلاء المنشقين – كونهم أناس خارج هياكل السلطة، ويحتلون مركز متأخر من المواطنة – أن يؤثروا في المجتمع والنظام الاجتماعي؟nأعتقد أن التفكير في مثل التساؤلات، كالتفكير في إمكانات “الضعفاء”، لا يمكن أن ينطلق إلا من التدبر في طبيعة القوة، في ظل أوضاع يتحرك فيها هؤلاء “الضعفاء”.n(2)