يرتبط الإبداع لدى الإنسان بالأحداث الأكثر تأثيرًا فيه. أو هكذا كان في حالة «جابو». فطفولته في بيت جدَّيه، وعودته شابًّا إلى «آراكاتاكا» حيث ستصدمه رؤية أنقاض المنزل والقرية، وإقامته في المكسيك حيث سيزاول ما لا يحب من الأعمال، ورحلاته حول أوروبا، كونت جميعها بوابة عبوره إلى زمن آخر، سرمدي، وأصيل: ذلك هو زمن الطفولة. ونجح «جابو» عبر الواقعية السحرية في العودة إلى مكان ولادته، حيث كان اكتشافه للثلج. وتلك العودة تتحدى الزمن المعاصر وتخلخله، ثم تتغلب عليه وتستبدله بزمن آخر فيه تقف قرية «ماكوندو» كقلعة ضخمة، مفعمة بالحياة، والمآسي، والعزلة، والسحر.nnالواقع في كولومبيا يفوق الخيال. فالحياة اليومية هناك فيض من القصص الغريبة، التي يرغم المنطق وحده الناس على تصديقها. والشيء نفسه يسري على أمريكا اللاتينية، وربما على سائر العالم أيضًا. فقد كانت الحياة على مر التاريخ عبارة عن قائمة من الحقائق، المدهشة، والمؤكدة رغم استحالة تصديقها. وفي هذا السياق قام «جارسيا ماركيز» بتأليف روايته.nهناك نوع من الأدب يضفى صبغة الاعتيادي على كل ما هو خيالي وخارق للعادة. فالغريب ما عاد غريبًا. ووفاة شخص، ثم عودته للحياة بعد أسبوع ليست بأمر مستغرب، بل ومتوقعة أيضًا. وفكرة الزمن ذاتها مشوهة. فالحاضر يميل للانزواء، ويجري العيش وفقًا للماضي، والماضي السحيق. يفقد الزمان استقامته ويصير حلقيًا. وتتعايش الحقيقة متآلفة مع الخيال.