عندما يكتب المرء مذكراته، فلا يجب عليه أن يقرأها إلا بعد سنوات طويلة من كتابتها. فالكلمات والأسطر التي كتبت منذ ثلاثة أيام يمكن أن توقع به في شعور عميق بالخجل من ذاته إن قرأها، بينما نفس الأسطر والكلمات ستصبح معجزات إذا ما تم قراءتها بعد ثلاثة وعشرين عاما. للكتابة دورة حياة خاصة بها. ولو سلمنا بأن الكتابة تولد بعد أن يغادرها سن القلم، فإن ثلاثة وعشرين عاما فترة كافية لنمو هذه الكلمات وتطورها حتى تصبح كيانا مستقلا عن كاتبها.nلابد وأن العشر سنوات الأولى هي الفترة التي تبدأ فيها الكتابة التعرف على ذاتها. تتعارف الحروف على بعضها وعلى الدفتر التي كتبت فيه. لابد أن الحروف بجميع أشكالها وأنواعها تتعارف وتتحدث مع بعضها أولا، ثم في العقد الثاني تنسى الشخص الذي كتبها، ثم تتخلص من مخاوفها حرفا بعد حرف، ثم تتخلص من أمراضها المزمنة والوراثية المعدية التي كان من الممكن أن تسبب لها مشكلات كبيرة مستقبلا، ثم لا يكون لها أي علاقة بالشخص الذي كتبها. ولأن الكاتب نفسه يكون قد تغير خلال هذه السنين فلابد وأنه سيشعر أنها ليست كتابته حين يعود إليها.nلهذا فمن الممتع دائما أن تقرأ عن آلامك حين تصير وكأنها آلام شخص آخر…nnعن المؤلف:nتونا كيرميتشيnnوُلِدَ في “أسكشهير” سنة 1973، ودرس السينما بكلية الفنون الجميلة في جامعة ميمار سينان. حصل كتابه الأول “مراقبو القمر” على جائزة “يازار نايير” في الشعر عام 1994، ونشر أول قصيدة ألفها في مجلة “فارليك”، حينما كان طالبًا في ثانوية “جالاتا سراي”، وتقاسم مع الشاعر البوسنى “عزت سيرليتشى” جائزة “أورجوفان بالاكان” سنة 1997، ثم نشر روايته الأولى “ارحل قبل أن أنهار” عام 2002، وحظيت بتقدير القرَّاء؛ حيث اعْتُبِرَت أحد أهم الأحداث الثقافية لذلك العام. وأصدرتها “” عام 2015، وتلتها روايته الثانية وهي “طريق الوحدة” عام 2003، والتي قدمناها لكم تحت عنوان “امرأة صديقي” (طريق الوحدة) عام 2015، وقد تم تحويلها إلى فيلم سينمائي عام 2013. وروايته “ثلاثة على الطريق” والتي نُشرت عام 2005. وفي عام 2007، صدرت روايته المُمَيَّزة، والتي نُقَدِّم لكم الطبعة الثانية منها، “الصلوات تبقى واحدة”، والتي نشرناها في العام 2011. وفي 2009 نُشرت له رواية “أيس كريم لصبي”، وبعدها بعامين نشرت روايته “الخريف في سالونيك”، ورواية “مسألة قلب” عام 2013، وبعدها رواية “انتهيت يا حبي” عام 2014، و”الرجل الذي يحب ناتالي بورتمان” عام 2015، وأخيرًا رواية “مسلسل تركي” عام 2016.nتُرجمت رواياته إلى 14 لغة حول العالم.nيُؤَلِف “تونا” الأغاني لفريق روك أند رول يُسَمَّى “قلعة الرمال”. ويكتب سيناريوهات للسينما، بالإضافة إلى كتابة عمود صحفي بانتظام في إحدى الصحف التركية المعروفة. وهو الآن مدرسٌ بقسم الفنون الجميلة بجامعة اسطنبول.